يأتي هذا التقرير بمثابة متابعة لـلتقرير الذي أصدرته منظمة مواطنون لأجل سوريا في أوائل عام 2017 بعنوان “منظمات المجتمع المدني السورية: الواقع والتحديات”، والهدف الأساسي منه هو تسليط الضوء على وضع المجتمع المدني بحلول نهاية العام 2018 في ضوء التغيرات العسكرية والسياسية الجذرية التي شهدتها البلاد بين عامي 2017 و2018. وعلى وجه التحديد، ينظر التقرير في الكيفية التي ينعكس فيها التغير الجاري في السياق على شكل منظمات المجتمع المدني والدور الذي تلعبه، وما هي التجليات الكميّة التي يمكن استنباطها، مثل حجم منظمات المجتمع المدني وانتشارها، فضلا عن الاتجاهات الأبرز في مشهد المجتمع المدني نتيجة لهذه التغييرات.
وعطفاً على المصطلحات التي قمنا بتحديدها أعلاه، يدرس هذا التقرير منظمات المجتمع المدني باعتبارها ممثلاً رئيسياً لهياكلِ المجتمع المدني، ويستثني هذا التحليل أشكال المجتمع المدني غيرِ المنظمةِ مثل المبادرات الشعبية والهياكل الحكومية البديلة التي برزت في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة المركزية وتتولى مسؤوليات مرتبطة تقليدياً بالمنظمات الحكومية مثل المجالس المحلية ومديريات الصحة والتعليم والمحاكم المحلية. كما يستثني المنظمات المُشَكَّلة على وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك وسائل الإعلام التقليدية (مثل الصحف وقنوات الراديو والتلفزيون)، إذ عادة ما تملك هذه المنظمات هياكل وأهدافاً تتطلب إجراء تحليلٍ قائمٍ بذاته.
ويعتمد التقرير في المقام الأول على البيانات التي تم جمعها خصيصاً لهذا الغرض باستخدام أداة مسحٍ بياني قياسية[1]، والتي تم تصميمها على شكل استبيانٍ مؤلفٍ من 90 سؤالاً اختيارياً أو سؤالاً محدود الإجابات. تغطي هذه الأسئلة خمسة مجالات مواضيعية رئيسية على النحو التالي: الموقع، الهيكلية، مجال النشاط أو العمل، التمويل والموارد المالية، والاحتياجات والأولويات. وقد جرى تطوير أداة المسح اعتماداً على أداة لتقييم القدرات تم استخدامها في أبحاث سابقة أجرتها منظمة مواطنون لأجل سوريا، وجرى تعديلها بالتشاور مع عدد من أعضاء منظمات المجتمع المدني السوري لتوفير البيانات الكمية، وذلك بهدف إشراك أكبر عدد ممكن من منظمات المجتمع المدني السورية، مع التركيز على الخصائص التنظيمية والهياكل الداخلية لهذه المنظمات.
تم جمع البيانات الواردة في هذا التقرير في الفترة ما بين شهري أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني 2018 من قبل فريق ميداني مؤلفٍ من أكثر من 30 من الراصدين/الراصدات تم تقسيمهم إلى أربع فرقٍ رئيسيةٍ للعمل داخل سوريا ضمن مناطق السيطرة المختلفة (المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في الشمال الغربي، المناطق الخاضعة للسيطرة التركية والمناطق الخاضعة للإدارة الذاتية الديمقراطية)، بالإضافة إلى فريقٍ ميدانيٍ واحد في كلٍّ من الأردن ولبنان وتركيا. وقد تم تدريب جميع الراصدين/الراصدات على طرق جمع البيانات كما تم إطلاعهم/هن على الغرض من هذه المهمة، كما جرى تزويدهم/هن بمبادئ توجيهية مفصّلة ومكتوبة حول كيفية إجراء الاستبيانات. فضلاً عن ذلك فقد عمل فريق منظمة إمباكت IMPACT على جمع البيانات باستخدام مجموعة أدوات كوبو (Kobo Toolbox) وهي منصة لجمع البيانات عبر شبكة الانترنت، وذلك من خلال إجراء مقابلات مع أعضاء بارزين في منظمات المجتمع المدني الناشطة في كل منطقة من المناطق المستهدفة. وعليه، فإن آلية جمع البيانات اعتمدت بشكل أساسي على آليات الإبلاغ الذاتي وهي بذلك تعكس التقييمات الذاتية لمنظمات المجتمع المدني فيما يتعلق بأوضاعها.
عقب الانتهاء من جمع البيانات تم إجراء عملية تنظيف يدوية لها لإزالة التكرارات والبيانات غير المؤهلة، مما قلل من إجمالي عدد المدخلات من 544 إلى 514 مدخلة تم تضمينها في التحليل. وقد تم إجراء التحليل للبيانات الكمية باستخدام برامج SPSS، و MS-Excel لإنتاج الجداول والرسوم البيانية للمتغيرات الفردية أو المجمّعة. وعقب ذلك تم إجراء مقارنة لنتائج التحليل الكمي مع التحديثات السياقية وتقارير وسائل الإعلام وملاحظات الفرق الميدانية والمدخلات النوعية التي تم الحصول عليها من خلال المقابلات التي أجريت بشكل رسمي أو غير رسمي مع أعضاء منظمات المجتمع المدني. وتعتبر نتائج هذه الإجراءات أهم الاستنتاجات التي يقدمها هذا التقرير.
تجدر الإشارة هنا أيضاً إلى أنه على الرغم من أن التقرير يتضمن تحليل البيانات التي تم جمعها في البداية، إلا أن عملية المسح استمرت بعد الفترة المذكورة أعلاه، إذ تمت إضافة عدد آخر من منظمات المجتمع المدني. وسيتم إدراج هذه المنظمات الإضافية ضمن قاعدة بيانات موسعة يتم تحديثها بانتظام بإدارة وإشراف منظمة إمباكت.
[1] يرجى الرجوع إلى الملحق 1 للحصول على نسخة مختصرة عن أسئلة الاستبيان الخاصة بالأداة. كما يمكن الحصول على الأداة الكاملة عبر الرابط التالي: https://ee.humanitarianresponse.info/x/#U98s6SRt